{أَمِ اتَّخَذُوا} بل اتخذوا، أي: الكافرون، {مِنْ دُونِهِ} أي: من دون الله، {أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: وليك يا محمد وولي من اتبعك، {وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ} من أمر الدين، {فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} يقضي فيه ويحكم يوم القيامة بالفصل الذي يزيل الريب، {ذَلِكُمُ اللَّهُ} الذي يحكم بين المختلفين هو، {رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.{فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} من مثل خلقكم حلائل، قيل: إنما قال: {من أنفسكم} لأنه خلق حواء من ضلع آدم. {وَمِنَ الأنْعَامِ أَزْوَاجًا} أصنافًا ذكورًا وإناثًا، {يَذْرَؤُكُمْ} يخلقكم، {فِيهِ} أي: في الرحم. وقيل: في البطن. وقيل: على هذا الوجه من الخلقة. قال مجاهد: نسلا بعد نسل من الناس والأنعام. وقيل: {في}، بمعنى الباء، أي: يذرؤكم به. وقيل: معناه يكثركم بالتزويج. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} {مثل} صلة، أي: ليس هو كشيء، فأدخل المثل للتوكيد، كقوله: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به} [البقرة- 137]، وقيل: الكاف صلة، مجازه: ليس مثله شيء. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس له نظير. {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} مفاتيح الرزق في السموات والأرض. قال الكلبي: المطر والنبات. {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} لأن مفاتيح الرزق بيده، {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.قوله عز وجل: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} بَيَّن وسن لكم، {مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} وهو أول أنبياء الشريعة. قال مجاهد: أوصيناك وإياه يا محمد دينًا واحدًا. {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} من القرآن وشرائع الإسلام، {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} واختلفوا في وجه الآية: فقال قتادة: تحليل الحلال وتحريم الحرام. وقال الحكم: تحريم الأمهات والبنات والأخوات.وقال مجاهد: لم يبعث الله نبيًا إلا وصاه بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والإقرار لله بالطاعة له، فذلك دينه الذي شرع لهم.وقيل: هو التوحيد والبراءة من الشرك. وقيل: هو ما ذكر من بعد، وهو قوله: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة الدين والألفة والجماعة وترك الفرقة والمخالفة.{كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} من التوحيد ورفض الأوثان ثم قال: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ} يصطفي إليه من عباده من يشاء، {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} يقبل إلى طاعته.